العلم والأخلاق

قال سيدنا عمر بن الخطاب ذات مرة: إن طلب العلم ثلاث مراحل. أولاً، التكبر، ثانياً: التواضع، ثالثا، تشعر وكأنك لا تعرف شيئا. عندما تشعر أنك أذكى من الآخرين، وتشعر أنك في مرتبة أعلى من إخوتك الصغار، فإن أول ما ينمو أو يظهر هو الكبرياء. وهذه هي المرحلة الأولى التي حذرنا عمر بن الخطاب منها.

وقد ورد في كتاب “حلية طالب العلم” أن طلب العلم ليس مجرد الاستماع إلى شرح المعلم. لا فائدة من أن يدرس الطالب أو الطالبة بجدية في الفصل، بل يكون غير متخلق تجاه معلمه. كما جاء في حلية طالب العلم:

“العلم هو أغلى لؤلؤة في تاج الشريعة المقدسة، ولن يصل إليه إلا إذا تزين بأخلاقه، وطهر نفسه من شوائبه”.

وذكر سيدنا عمر بن الخطاب أن التحدي الأول في طلب العلم هو مرحلة التكبر -شعوره بالتفوق على معلمه. لذلك فهو متعجرف، اختبر معلمه، ضحك على معلمه. وفي آداب طلب العلم إذا صح أن الطالب أذكى من المعلم، فالواجب على الطالب أن يعوض تقصير المعلم.

ثانياً: مرحلة التواضع. هذه مثل طبيعة الأرز. كلما احتوت أكثر كلما انحنت أكثر. مثل الأرز قبل الحصاد، فإنه يصبح أكثر تدهوراً. شعوره بأنه يعرف أشياء كثيرة، فيخجل من معرفته، لأنه يعلم أن فيه نواقص كثيرة. لذا فإن الشخص الذكي في الواقع يجب أن يكون شخصًا متواضعًا. بل الأشخاص الذين يعتقدون أنهم أذكياء يصبحون متكبرين.

المرحلة الثالثة عندما درس شعر بأنه ينقصه واستمر في التعلم أكثر وأكثر، فأدرك في رحلة دراسته أن علمه لا يقارن بالمعرفة الموجودة في هذا العالم. يا لها من اتساع العلم والمعرفة.

قال الرئيس الثاث السيد حبيبي ذات مرة: “المعرفة التي أملكها هي مجرد قطرة في المحيط”. إن العلوم والمعرفة على وجه هذه الأرض واسعة جدًا. ولذلك فإن أخلاق العالم أو صاحب المعرفة يجب أن تشكل إطار هويته. جمال الوجه ووسامة ملامحه، ولو بالمكياج الدنيوي، لن يدوم إلى الأبد. فهو لا يدوم إلا للحظة واحدة، وعندما تتم إزالة المكياج يعود إلى أصله وأساسياته.

ولكن إذا كنت مزينًا بالجمال الأخلاقي، فسيراك الناس من بعيد حتى في حشد من الناس. سيتبين أن هذا شخص ذو أخلاق ومعرفة. المعرفة العالية لا تزال تجعله متواضعا. لأنه يتمتع بأخلاق الكريم .

العلم هو الصلاة الخفية (السر) وعبادة القلب. جاء في حلية طالب العلم :

«إن الأصل في آداب طلب العلم، حتى في جميع الأمور المأمور بها، أن تفهم أن العلم عبادة. “ولذلك قال بعض العلماء: العلم صلاة السر، وعبادة القلب”.

سأل أحدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من هم أكثر الناس دخولاً إلى الجنة؟ قال: أهل الجنة هم الذين يخافون الله ويحسنون الأخلاق.

تنقسم الأخلاق إلى ثلاثة: الأخلاق تجاه الله، والأخلاق تجاه النفس، والأخلاق تجاه المخلوقات، بما في ذلك إخوانهم البشر. الأخلاق تجاه الله هي الشكر على كل النعم التي أنعم الله بها علينا. كن صادقا مع ما أعطانا الله. اصبر على كل اختبار يختبره الله لنا. لا تتذمر وكن دائما ذو رأي جيد عنه. نقبل كل أحكام قدره بعد أن نحاول قدر المستطاع.

الأخلاق تجاه الله تتماشى مع الأخلاق تجاه النفس وتجاه المخلوقات. نحن هبة من الله وعلينا أن نحافظ عليها. قال الله إننا أكمل المخلوقات. ولا فائدة من الكمال إذا لم نحافظ عليه بالتزين بالعلم والأخلاق الحميدة. هناك نوعان من الأخلاق تجاه النفس، جسدية وروحية. والجسدي أي العناية بالجسم، والحفاظ على الصحة. والروحاني مملوء بالتفكر والشكر وعدم التكبر فضلاً عن الكفر بنعم الله.

والأخلاق تجاه إخوانهم من البشر. الأول: التعاون، وهو مساعدة بعضكم البعض على مساعدة المحتاجين بالمعروف. والثاني هو التسامح، روح الاحترام المتبادل، والاحترام المتبادل هو التسامح. لذا فمن الخطأ حقًا اعتبار المسلمين غير متسامحين، لأن الإسلام يعلمنا أن نكون متسامحين تجاه إخواننا من البشر على اختلاف أنواعهم. احترموا اختلافات بعضكم البعض. تختلف الآراء ولكن نحترم بعضنا البعض. والثالث: التوازن، فالعدل والاعتدال هو أقرب طريق إلى التقوى. الرابع: التواضع وعدم التكبر.